هذا ما أمرنا الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله بالسجود عليه

18 أبريل 2010
131
0
0
هذا ما أمرنا الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله بالسجود عليه

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


يُشنع أهل العامة على شيعة أهل النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم سجودهم على التربة (أي على الأرض)، ويرمونهم بالبدعة ، حتى أن الأمر يصل من قبل أهل التكفير إلى رميهم بالشرك وعبادة التربة، وما إلى ذلك من أقوال لا يقبلها من له أقل إطلاعٍ بالأمر!

البحث في هذه المسألة، يجب أن يتركز على ما صدر من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله من أوامر وتوجيهات بخصوص ما يجب على المسلم السجود عليه، فيمكن تقسيم المسألة إلى ثلاثة أقسام بثلاثة أزمنة متعاقبة بخصوص ما يجب السجود عليه، سنستعرضها من خلال الأحاديث الشريفة من مصادر أهل العامة أنفسهم، لنعرف الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وسنكتفي بذكر ما تحويه الأحاديث بالمختصر المفيد مع ذكر المصادر في عموم البحث!

أبتدئ البحث بكلمة العلامة الأميني قدس، حيث يقول في (سيرتنا وسنّتنا:125ـ126) :
والأنسب بالسجدة التي إن هي إلاّ التصاغر والتذلّل تجاه عظمة المولى سبحانه و وجاه كبريائه، أن تُتخذ الأرضُ لديها مسجداً يعفِّر المصلّي بها خدّه ويرغم أنفه لتذكّر السّاجد للّه طينته الوضيعة الخسيسة التي خلق منها وإليها يعود ومنها يعاد تارة أُخرى حتّى يتّعظ بها ويكون على ذكر من وضاعة أصله ليتأتى له خضوع روحي وذلّ في الباطن وانحطاط في النفس واندفاع في الجوارح إلى العبودية وتقاعس عن الترفّع والأنانية، ويكون على بصيرة من انّ المخلوق من التراب حقيق وخليق بالذلّ والمسكنة ليس إلاّ.

ولا توجد هذه الأسرار قطّ وقطّ في المنسوج من الصوف والديباج والحرير وأمثاله من وسائل الدَّعة والراحة ممّا يُري للإنسان عظمة في نفسه، وحرمة وكرامة ومقاماً لديه ويكون له ترفّعاً وتجبراً واستعلاءً وينسلخ عند ذلك من الخضوع والخشوع.


السجود على التراب والحصى والرمل والطين (الأرض) هو أصل السجود


الزمن الأول والقسم الأول:
السجود (فقط) على التراب والرمل والحصى .... أي السجود على الأرض فقط لا غير، ولا يسمح بالسجود على غير ذلك، وهذا هو الأصل في السجود، والدليل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ج: 1 ص: 128: ح328 حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا هشيم ح قال وحدثني سعيد بن النضر قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا سيار قال حدثنا يزيد هو بن صهيب الفقير قال أخبرنا جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة، وراجع ايضاً ح427: ص168:باب قول النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا! وغيرها من المصادر!

فكون الجعل للأرض مسجداً، يعني موضع السجود ولا يخرج جواز السجدة من هذا الظاهر إلا ما أخرجه دليل قاطع..إنتهى!

يقول المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير ج 3: ص 458-459 : رقم3594 ( جعلت لي الأرض مسجدا ) : أي كل جزء منها يصلح أن يكون مكانا للسجود أو يصلح أن يبنى فيه مكانا للصلاة ولا يرد عليه أن الصلاة في الأرض المتنجسة لا تصح لأن التنجس وصف طارئ والاعتبار بما قبله ( وطهورا ) فيه إجمال يفصله خبر مسلم جعلت لنا الأرض مسجدا وتربتها لنا طهورا!

ويقول أبو بكر أحمد الرازي الجصاص في أحكام القرآن ج 2 ص 488 : وقال ابن جريج قال قلت لعطاء فتيمموا صعيدا طيبا قال أطيب ما حولك ويدل عليه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وهو يدل من وجهين على ما ذكرنا أحدهما إخباره أن الأرض طهور فكل ما كان من الأرض فهو طهور بمقتضى الخبر والآخر أن ما جعله من الأرض مسجدا هو الذي جعله طهورا وسائر ما ذكر هو من الأرض وهي مسجد فيجوز التيمم به بحق العموم..إنتهى!



تشديد الرسول صلوات الله عليه وآله على السجود على الأرض ووضع الجباه على الأرض برغم حرارة الشمس الحارقة والأمطار وغير ذلك
وسيرة الرسول صلوات الله عليه وآله في ذلك


1_ الرسول صلوات الله عليه وآله يصلي حتى أن جبهته وأنفه يغمران بالماء والطين، فراجعوا:
صحيح مسلم ج: 2 ص: 827:ح1167 ، ح1168 ، صحيح البخاري ج: 1 ص: 287: باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى: ح801 !

2_ الرسول صلوات الله عليه وآله يضع جبهته وأنفه على الأرض، فراجعوا: أحكام القرآن ج3: ص36; مسند أحمد ج4: ص315، 317، فتح الباري ج: 1 ص: 493: رقم378 ، صحيح ابن خزيمة ج: 1 ص: 322: باب إمكان الجبهة والأنف من الأرض في السجود : ح637، سنن البيهقي الكبرى ج: 2 ص: 72: ح2346، المعجم الكبير ج: 22 ص: 29: ح62، الاستيعاب ج: 1 ص: 328: في الحديث عن حجر بن ربيعة، تحفة المحتاج ج: 1 ص: 313: رقم284، وغيرهم

3_ عائشة تقول بأنها لم تر رسول الله صلوات الله عليه وآله متقيا وجهه بشيء في سجوده، فراجعو: المصنف لأبي بكر عبد الله بن أبي شيبة الكوفي (159- 235هـ) ط1، 1 ص: 397: ح1555، كنز العمال ج4: ص212، وغيرهم!

4_ ابن عباس (رض) رأى رسول الله صلوات الله عليه وآله يسجد على الحجر، فراجعوا: المستدرك على الصحيحين ج: 1 ص: 646: ، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، سنن البيهقي الكبرى ج: 5 ص: 75: ح9007!

5_ الصحابة يضعون الحصى في أيديهم لتبريدها والسجود عليها برغم حرارة الشمس الحارقة، راجعوا:
المصنف لأبي بكر عبد الله بن أبي شيبة الكوفي (159- 235هـ) ط1، ج: 1 ص: 286: تحقيق كمال يوسف الحوت: ح3275 ، شرح معاني الآثار لأبي جعفر الطحاوي (229-321هـ) ط1ـ تحقيق محمد زهري النجار، ج: 1 ص: 184، مسند أحمد ج 3:ص327; سنن البيهقي ج1: ص439 باب ما روي في التعجيل بها في شدّة الحرّ، مسند أبي يعلى ج: 3 ص: 426: ح1916، وغيرها!

يقول البيهقي (384-458هـ) في سننه الكبرى ج: 2 ص: 105 معلقاً على هذا الحديث:

ولو جاز السجود على ثوب متصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصا في الكف ووضعها للسجود عليها وبالله التوفيق..إنتهى!

6_ الرسول صلوات الله عليه وآله لا يسمح للمسلمين بالسجود على غير التراب بعد أن شكى المسلمين حرارة الرمضاء، فراجعوا
صحيح مسلم ج: 1 ص: 433: ح619، وفيه: قال زهير قلت لأبي إسحاق أفي الظهر قال نعم قلت أفي تعجيلها قال نعم..إنتهى!

يقول السيوطي (849-911هـ) في شرحه على سنن النسائي ج: 1 ص: 246:
وانهم لما شكوا اليه ما يجدون من ذلك لم يفسح لهم أن يسجدوا على أطراف ثيابهم وقال القرطبي يحتمل أن يكون هذا منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤمر بالإبراد ويحتمل أنهم طلبوا زيادة تأخير الظهر على وقت الابراد فلم يجبهم الى ذلك..إنتهى!

وراجع أيضاً قول ابن الأثير في النهاية ج2: ص497!

الرسول صلوات الله عليه وآله يشدد على مسألة السجود على الأرض دون وازع بينها وبين جبهة المصلي


1_الرسول صلوات الله عليه وآله يأمر صهيباً بأن يترب وجهه في التراب بعد إن اتقاه، فراجعوا المصنف لأبي بكر عبد الله بن أبي شيبة الكوفي (159- 235هـ) ط1 ج: 1 ص: 391: ح1528، ومثله في كنز العمال ج7: ص465: رقم19810!

2_ الرسول صلوات الله عليه وآله يحسر عن جبهة شخصٍ اعتم على جبهته، وأمر برفع عمامة آخر، فراجع سنن البيهقي الكبرى ج: 2 ص: 105: ح2491!

3_ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يأمر بأن يحسر المسلم عن جبهته عند السجود، فراجع سنن البيهقي الكبرى ج: 2 ص: 105:ح2492، وايضاً ح2493، ح2494، وغيرهم!

4_ أم سلمة تأمر غلاماً من ذوي قرابتها بأن يترب وجهه بالتراب أسوة برسول الله صلوات الله عليه وآله، فراجعوا صحيح ابن حبان ج: 5 ص: 241: ح1913، وأخرجه الحاكم قال في المستدرك على الصحيحين ج: 1 ص: 404: ح:1001، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأيضاً موارد الظمآن ج: 1 ص: 131: ح483 ، مسند أحمد ج: 6 ص: 301: ح26614، مسند أبي يعلى ج: 12 ص: 385: ح6954، وغيرهم!

وغير ذلك من الأحاديث الدالة على أن الرسول صلوات الله عليه وآله يأمرهم بأن لا يجعلوا وازعاً أو ما يمنع جباههم عن الوصل للأرض، بل وكان يسجد بهذه الكيفية بالرغم من حرارة الشمس وهطول المطر، ولذلك وجدنا ابن حجر يقول في فتح الباري ج: 1 ص: 493: رقم378 قوله حدثنا غالب القطان وللأكثر حدثني بالإفراد والإسناد كله بصريون قوله طرف الثوب ولمسلم بسط ثوبه وكذا للمصنف في أبواب العمل في الصلاة وله من طريق خالد بن عبد الرحمن عن غالب سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر والثوب في الأصل يطلق المخيط وقد يطلق على المخيط مجازا وفي الحديث جواز استعمال الثياب وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقاء حرها وكذا بردها
وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض ثم السجود هو الأصل
لأنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة واستدل به على إجازة السجود على الثوب المتصل بالمصلى!


أصل النتيجة

إذاً يتضح لكل ذي لب بأن السجود على الأرض هو الأصل وعليه شدد رسول الله صلوات الله عليه وآله، وكان الرسول صلوات الله عليه وآله يسجد على التراب وهو مبتل بماء المطر حتى أن الطين والماء يكونان على جبهته الطاهرة وأنفه الطاهر، وقد عانى المسلمون الأمرين من حرارة الشمس ولم يجز لهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بالسجود على غير الأرض، وهذا ما يلتزم به شيعة أهل البيت صلوات الله عليهم، فتسجد على أفضل ما أمر به رسول الله صلوات الله عليه وآله، فيعفرون جباههم بالتراب وأنوفهم أيضاً، فكل المؤاخذات عليهم في هذا الأمر مردودة على أصحابها لأنه ليس لها محلٌ من الحق، يقول النووي في شرحه على صحيح مسلم ج: 4 ص: 233: وقال القاضي رحمه الله تعالى أما ما نبت من الأرض فلا كراهة واما البسط واللبود وغيرها مما ليس من نبات الأرض فصح الصلاة فيه بالإجماع لكن الأرض أفضل منه إلا لحاجة حر أو برد أو نحوهما لأن الصلاة سرها التواضع والخضوع والله عز وجل أعلم..إنتهى!

وفي ذيل ما ختمنا دليلٌ على جواز السجود على الثياب في حال الضرورة فقط فلا يجوز لهم في حال آخر أو حال الإختيار، وبهذا نصل للمرحة الثانية والقسم الثاني!

الرخصة في السجود على ما تنبت الأرض


الزمن الثاني والقسم الثاني:
السجود على الخمرة والحصير

في هذا الفصل فيه بيان على أن رسول الله صلوات الله عليه وآله قد رخص للمسلمين بالسجود على الحصر والمخمرة، وهذا يعني بأن الإذن الإلهي قد نزل مخففاً على المسلمين، وإليك المصادر!

1_ الرسول صلوات الله عليه وآله يصلي على الخمر، فراجعوا:
المنتقى لابن الجارود ج: 1 ص: 53: ح176، صحيح البخاري ج: 1 ص: 149: باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد: ح372، صحيح البخاري ج: 1 ص: 150: باب الصلاة على الخمرة: ح374، صحيح ابن حبان ج: 6 ص: 84: ذكر جواز صلاة المرء على الخمرة: ح2310، ح2312، صحيح ابن حبان ج: 14 ص: 212: ذكر البيان بأن عرق صفي الله صلى الله عليه وسلم قد كان يجمع ليتطيب به: ح6305 و ح6305، المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم ج: 2 ص: 120: ح1138، المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم ج: 2 ص: 256: ح1477، الأحاديث المختارة ج: 7 ص: 130: ح2562، وفي ص: 192: ح2625، موارد الظمآن ج: 1 ص: 106: باب الصلاة على الخمرة: ح354، مسند أبي عوانة 1 ج: 1 ص: 408: ح1505، وغيرها من المصادر!

ومن أسنكر وقال بأن ذلك لا يعني السجود على الخمرة أو الحصير، فهناك شواهد تدل على السجود ، على أن القول بإطلاق الصلاة على شيء يعني السجود على ذلك الشيء بكل مواضع السجود:
2_ الرسول صلوات الله عليه وآله يسجد على الحصير والخمرة، راجعوا: مسند أحمد ج: 3 ص: 52: ح11507، مسند أبي يعلى ج: 2 ص: 480: ح1308، و ج: 4 ص: 203: ح2311، طبقات المحدثين بأصبهان ج: 3 ص: 298: رقم367 في الحديث عن الثقة عيسى بن عبدويه أبو القاسم أصبهاني، تاريخ بغداد ج: 7 ص: 254، صحيح مسلم ج: 1 ص: 369: ح519، و ح661، صحيح ابن حبان ج: 6 ص: 81: ذكر الإباحة للمرء أن يصلي الصلاة على الحصير: ح2307، المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم ج: 2 ص: 257: باب السجود على الحصير: ح1478!

ولا أدري ما وجهه دلالة قول النووي في شرحه على صحيح مسلم ج: 4 ص: 233: على أنه يجوز السجود على ما لا تنبت الأرض على ما تقدم من أحاديث تنهى عن ذلك، حيث قال:
فيه دليل على جواز الصلاة على شيء يحول بينه وبين الأرض من ثوب وحصير وصوف وشعر وغير ذلك وسواء نبت من الأرض أم لا وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور!


السجود على طرف الثياب من شدة الحر


الزمن الثاني والقسم الثاني:
1_ السجود على الثياب في وجود عذر (فقط) وهو إتقاء الحر الشديد، فجاء في صحيح البخاري ج: 1 ص: 151: ح378 حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثني غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك قال ثم كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود، وراجعوا صحيح مسلم: ج
icon3.gif
ص109; مسند أحمد ج1: ص100; سنن البيهقي الكبرى ج: 2 ص: 106: ح2496 !


يقول أبو الطيب آبادي في عون المعبود شرح سنن أبي داود ج: 2 ص: 52: فهذه الأحاديث تدل على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلى وعلى جواز استعمال الثياب وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض
لاتقاء حرها وكذا بردها وعلى جواز العمل القليل في الصلاة ومراعاة الخشوع فيها لأن الظاهر أن صنيعهم ذلك لإزالة التشويش العارض من حرارة الأرض
!

وقال أيضاً:
قال الحافظ في الفتح وظاهر الأحاديث الواردة في الأمر بالإبراد كما سيأتي يعارضه فمن قال الإبراد رخصة فلا إشكال ومن قال سنة فإما أن يقول التقديم المذكور رخصة وإما أن يقول منسوخ بالأمر بالإبراد وأحسن منهما أن يقال إن شدة الحر قد توجد مع الإبراد فيحتاج إلى السجود على الثوب أو إلى تبريد الحصى لأنه قد يستمر حره بعد الإبراد ويكون فائدة الإبراد وجود ظل يمشي فيه إلى المسجد أو يصلى فيه في المسجد..إنتهى!

وهذا يعني بإنه مع عدم وجود الحر الشديد، لا عذر لأحدٍ لأن يسجد على طرف ثوبه، وذلك للأحاديث المتقدمة، بأن الرسول صلوات الله عليه يأمر المسلمين بأن يعفروا وجوههم وأنوفهم بالتراب، وذلك لما يوضحه الحديث التالي:
2_ جاء في صحيح البخاري ج: 1 ص: 404: باب بسط الثوب في الصلاة للسجود: ح1150 حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا غالب عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ثم كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه، وراجعوا أيضاً صحيح ابن خزيمة ج: 1 ص: 336: باب إباحة السجود على الثياب اتقاء الحر والبرد: ح675، مصنف ابن أبي شيبة ج: 1 ص: 241: ح2769، مسند أحمد ج: 3 ص: 100: ح11988، مسند أبي يعلى ج: 7 ص: 176:ح4152، وغيرها من المصادر!

إذا عذرهم ليس فقط في الحر الشديد، بل عندما لا يكون لهم استطاعة على تحمله ، فيضعون أطراف ثيابهم ليسجوا عليها، وإلا لا عذر لهم في غير هذا الموضع!

فالروايات التي عارضت هذا المعنى لا تقاوم الحجة بالأحاديث أعلاه بعدم السماح بالسجود على غير ذلك، فما ورد عن النبي صلوات الله عليه وآله في غير هذه المواضع لا تصح أبداً أولاً لمعارضتها الأحاديث الصحيحة وقوة ووضوح متنها، وأن الرسول صلوات الله عليه وآله لا يكون منه إلا ما هو أفضل وأثوب وما يقربه من الله بخضوع وتذلل إلى الله جلَ وعلاً، ولذلك وجدنا أحاديث تخبر بأن الرسول صلوات الله عليه وآله لا يسجد إلا على الأرض، كما في مصنف عبد الرزاق ج: 1 ص: 397: ح1555 عبد الرزاق عن ابن عيينة عن مالك بن مغول عمن سمع ابن شريح بن هانىء عن أبيه يحدث عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متقيا وجهه بشيء تعني في السجود، وغيرها من الأحاديث الكثيرة!


النتيجة

بعد هذا المرور القصير جداً، لا تبقى حجة لمن خالف شيعة أهل البيت صلوات الله عليهم وشنع عليهم وهاجمهم بسجودهم على التربة، سواءً كانت تربة من تراب من قبر سيدي ومولاي الإمام الحسين صلوات الله عليه أو تربة من تراب الأرض الطاهر (وهذا هو الغالب على التراب الذي يسجد عليه شيعة أهل البيت صلوات الله عليهم لصعوبة الوصول لتراب قبر أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه)!

إذاً نحن نتبع سنة الله ورسوله وسنة أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين في هذه المسألة، وأخيراً، نختم البحث بهذا الأمر:


سيرة الصحابة واللاحقين بهم

1_ أبو بكر كان يصلي على الأرض مفضياً إليها، فراجع مصنف عبد الرزاق ج: 1 ص: 397: ح1552 عبد الرزاق عن محمد بن راشد عن عبد الكريم أبي أمية قال بلغني أن أبا بكر الصديق كان يسجد أو يصلي على الأرض مفضيا إليها!

2_ ابن مسعود كان لا يسجد أو يصلي إلا على الأرض، فراجع مصنف عبد الرزاق ج: 1 ص: 397: ح1553 عبد الرزاق عن الثوري عن عبدالكريم الجزري عن أبي عبيدة قال كان ابن مسعود لا يسجد أو قال لا يصلي إلا على الارض!

3_ صاحب ابن مسعود مسروق بن الأجذع لا يسجد إلا على الأرض، حتى أنه كان يحمل معه لبنة يصلي عليها في السفر، فجاء في مصنف ابن أبي شيبة ج: 2 ص: 72: ح3 حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين قال نبئت ان مسروقا كان إذا سافر حمل معه لبنة يسجد عليها، ح6605 حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن محمد أن مسروقا كان إذا سافر حمل معه لبنة يسجد عليها!

4_ إبراهيم النخعي لا يسجد إلا على الأرض وإن صلى على حصير، فجاء في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ) ج: 2 ص: 57: وعن إبراهيم –أي النخعي- أنه كان يقوم على البردى ويسجد على الأرض قلنا وما البردى قال الحصير رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن، وراجعوا أيضاً المعجم الكبير ج: 9 ص: 255: ح9264!

يقول محمد عبد الرحمن المباركفوري (1283-1353هـ) في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج: 2 ص: 249: وممن أختار مباشرة المصلى للأرض وقاية عبد الله بن مسعود فروى الطبراني عنه أنه كان لا يصلي ولا يسجد إلا على الأرض وعن إبراهيم النخعي أنه كان يصلي على الحصير ويسجد على الأرض، وذكر أيضاً محمد الشوكاني (ت1255هـ) في نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار ج: 2 ص: 129!

5_ عمر بن عبدالعزيز لا يسجد إلا على التراب، فجاء في التاج والإكليل ج: 1 ص: 545: وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بالتراب فيوضع على الخمرة في موضع سجوده فيسجد عليه!

ذكر ذلك أيضاً السيوطي في الجامع الصغير ج: 1 ص: 320، وابن حجر في فتح الباري ج: 1 ص: 488، أبو الطيب آبادي في في عون المعبود شرح سنن أبي داود ج: 2 ص: 253، محمد عبد الرحمن المباركفوري (1283-1353هـ) في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي في تحفة الأحوذي ج: 2 ص: 247، عبدالرؤوف المناوي في فيض القدير ج: 5 ص: 223، محمد الشوكاني (ت1255هـ) في نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار ج: 2 ص: 128، وغيرهم!

6_ عروة بن الزبير يكره أن يسجد على شيء دون الأرض، فجاء في مصنف ابن أبي شيبة ج: 1 ص: 353: ح4062 حدثنا حاتم عن هشام عن أبيه أنه كان يكره أن يسجد على شيء دون الأرض! وراجعوا أيضاً الجامع الصغير للسيوطي ج: 1 ص: 320، فيض القدير ج: 5 ص: 223، نيل الأوطار ج: 2 ص: 128!



إذاً هذه سيرة رسول الله صلوات الله عليه وآله وهذه سنته، وهذا ما أخذه الصحابة واللاحقين بهم، فلم التشنيع على شيعة النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين؟ فما التشنيع حينها إلا على رسول الله صلوات الله عليه وآله ومن سار على نهجه.

والحمد لله رب العالمين
مفجرالثورة

ملاحظة: مستفاد من بحث لآية الله الشيخ جعفر السبحاني سدده الله!