الرّد على الشيخ ابن جبرين حول فتواه بعدم جواز شد الرحال لزيارة قبر النبي (ص)

التلميذ

New Member
18 أبريل 2010
217
0
0
بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا وعلى من تبع نهج محمد وآله إلى قيام يوم الدّين وبعد : -

في قسم الفتاوى (1) في الموقع الخاص بالشيخ ( ابن جبرين ) وجه له السؤال التالي :
ما حكم شد الرّحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
فكان الجواب منه :
(( لا يجوز ، وإنّما تشد الرّحال إلى المسجد النبوي ، ثم يزور القبر من قريب بعد وصوله إلى المدينة ، يقول صلى الله عليه وسلم : { لا تشد الرّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى } والله أعلم )) .

أقول :
لقد استند الشيخ ( ابن جبرين ) في فتواه هذه بعدم جواز شدّ الرّحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى حديث ( لا تشدّ الرّحال .... ) – كما هو الظاهر من نص جوابه – ولكن الحديث المذكور لا دلالة فيه على ما ذهب إليه ، فالحديث بعيد كل البعد عن حرمة شدّ الرّحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أو غيره من قبور الأنبياء والأئمة والأولياء ، ولا يصلح أن يكون دليلاً على ذلك :

أولاً : إن المستثنى منه في الحديث لا يخلو إمّا أم يكون (( المسجد )) أو (( المكان )) فإن كان الأوّل فتكون صورة الحديث : (( لا تشد الرحال إلى مسجد إلاّ إلى ثلا ثة مساجد ... الخ )) وعلى هذه الصورة يكون المنهي عنه – هذا على فرض أن النهي هنا نهي حرمة ، وهو ليس كذلك طبعاً – هو شدّ الرّحال إلى مسجد من المساجد غير المساجد الثلاثة المذكورة في الحديث ، فليس فيه نهي عن شدّ الرّحال إلى أي مكان من الأمكنة إذا لم يكن المقصود مسجداً ، وعليه فلا دلالة في الحديث – على هذا الوجه – على عدم جواز شدّ الرحال لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام أو قبر غيره من أولياء الله .

وعلى الثاني تكون صورة الحديث : (( لا تشدّ الرّحال إلى مكان إلاّ إلى ثلاثة مساجد ... الخ )) وتفسير الحديث على هذه الصورة يلزم منه كون جميع أفراد السفر محرّمة وغير جائزة سواء كان لزيارة مسجد أو غيره من البقاع أو الأمكنة ، وهذا لا يأخذ به أحد ولا يلتزم بهذا القول واحد من الفقهاء ، فهذه الصورة لا يمكن الأخذ بها .

ثانيا : إن النهي عن شد الرحال إلى أي مسجد سوى المساجد الثلاثة ، إنما هو نهي إرشاد وليس نهي حرمة وذلك لعدم الجدوى في مثل هذا السفر ، حيث أن المساجد الأخرى لا تختلف من حيث الفضيلة ، فمن العبث أن يسافر العبد إلى جامع بلد آخر بقصد الصلاة والعبادة فيه وترك ذلك في جامع بلده مع أنهما متماثلان من حيث الفضيلة وثواب الصلاة والعبادة فيهما .
يقول الغزالي في إحياء علوم الدّين (ج 2 ص 247 ) : (( القسم الثاني : وهو أن يسافر لأجل العبادة إمّا لحج أو جهاد ... ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء عليهم السلام وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء ، وكل من يتبرّك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته ، ويجوز شدّ الرحال لهذا الغرض ، ولا يمنع من هذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تشد الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، مسجدي هذا ، ومسجد الحرام ، ومسجد الأقصى ) لأن ذلك في المساجد ، فإنها متماثلة ( في الفضيلة ) بعد هذه المساجد ، وإلاّ فلا فرق بين زيارة قبور الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل ، وإن كان التفاوت في الدرجات تفاوتاً عظيماً بحسب اختلاف درجاتهم عند الله )) .
ولو كان النهي نهي حرمة لما شد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرّحال لزيارة قبر أمه بالأبواء وهي منطقة بين المدينة ومكة .
وبهذا تكون فتوى الشيخ ( ابن جبرين ) بعدم جواز شدّ الرّحال إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عارية من الدّليل وليس لها مستند شرعي وتنبيء عن عدم فهم الشيخ لمغزى حديث : (( لا تشدّ الرحال ... الخ )) .

وفي الختام أنقل قولاً للغوي ( مجد الدين الفيروز آبادي ) صاحب كتاب ( القاموس المحيط ) يقول في كتابه : ( الصلات والبشر ص 127 ) :
(( أما حديث لا تشدّ الرّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد فلا دلالة فيه على النهي عن الزيارة بل هو حجة في ذلك ، ومن جعله دليلاً على حرمة الزّيارة فقد أعظم الجرأة على الله ورسوله ، وفيه برهان قاطع على غباوة قائله وقصوره عن نيل درجة كيفية الاستنباط والاستدلال )) .
______________________________________
http://www.ibn-jebreen.com/fatawa/LOLO/P1-26.htm


التلميذ