بعض الفتاوى الشاذة عند السنة

6 مايو 2010
74
0
0
بعض الفتاوى الشاذة عند السنة
1- عدم عد نكاح المحارم من الزنا وعدم الحد فيه :
2- حد الزنا عند أبي حنيفة لا يتحقق إلا إذا كان بالمجان :
قال ابن حزم الأندلسي الظاهري في المحلى : وقال أبوحنيفة : لا حد عليه في ذلك كله ، ولا حد على من تزوج أمه التي ولدته ، وابنته ، وأخته ، وجدته ، وعمته ، وخالته ، وبنت أخيه ، وبنت أخته ، عالما بقرابتهن منه ، عالما بتحريمهن عليه ، ووطئهن كلهن ، فالولد لاحق به ، والمهر واجب لهن عليه ، وليس عليه إلا التعزير دون الأربعين فقط ، وهو قول سفيان الثوري ، قالا : فإن وطئهن بغير عقد نكاح فهو زنى عليه ما على الزاني من الحد . (المحلى ج1 ص 253 )
وقال القفال الشاشي في حلية العلماء :
(( فإن استأجر إمرأة ليزني بها فزنى بها ، وجب عليه الحد ، وكذلك إذا تزوج ذات رحم محرم ، ووطئها وهو يعتقد تحريمها وجب عليه الحد ، وقال أبو حنيفة : لا حد عليه في الموضعين جميعا )) .[1]
وقال ابن حزم أيضاً : (( قد ذهب إلى هذا أبوحنيفة ، ولم ير الزنى إلا ما كان مطارفة ، وأما ما كان فيه عطاء وإستئجار فليس زنى ولا حد فيه )) .[2]
قال ابن حزم :
(( فقد علموا الفساق حيلة في قطع الطريق ، بأن يُحضروا مع أنفسهم إمرأة سوء زانية ، وصبياً بغّاء ، ثم يقتلوا المسلمين كيف شاؤا ، ولاقتل عليهم من أجل المرأة الزانية والصبي البغّاء ، فكلما استوقروا من الفسق خفت أوزارهم وسقط الخزي والعذاب عنهم ، ثم علموهم وجه الحيلة في الزنى ، وذلك أن يستأجرها بتمرتين وكسرة خبز ، ليزني بها ، ثم يزنيان في أمن وذمام من العذاب بالحد الذي افترضه الله تعالى .
ثم علموهم وجه الحيلة في وطيء الأمهات والبنات ، بأن يعقدوا معهن نكاحا ثم يطؤونهن علانية آمنين من الحدود )) .[3]
3- عدم إقامة الحد على من لاط بمملوكه :
قال السبكي في ترجمته : ((أحد أئمة الدنيا علما وعملا)) .[4]
ونقل السبكي عن عدة عنه منهم ابن الرفعة في الكفاية
(( أن الحد لا يلزم من يلوط بغلام مملوك له ، بخلاف مملوك الغير)) .[5]
4- جواز شرب المسكر مما عد التمر والعنب والزبيب دون حد الإسكار عند بعض ومعه عن البعض الآخر ,واستثناء العنب عن بعض وعدم إقامة الحد بالمسكر من غير الأمور المذكورة عند بعض
وقال الحافظ الفقيه أبو جعفر الطحاوي الحنفي المتوفى سنة (321هـ) في شرح معاني الآثار في سياق كلامه عن الأشربة المحللة والمحرمة بعد أن خصص الخمر بما كان متخذا من العنب فقط[6] ، مخالفا في ذلك إمام مذهبه أبي حنيفة الذي أضاف التمر والزبيب[7] :
(( ونحن نشهد على الله عز وجل أنه حرّم عصير العنب إذا حدث فيه صفات الخمر ، ولا نشهد عليه أنه حرّم ما سوى ذلك إذا حدث فيه مثل هذه الصفة ، فالذي نشهد على الله بتحريمه الذي آمنا بتأويلها من حيث آمنا بتنزيلها ، فما كان من خمر فقليله وكثيره حرام ، وما كان سوى ذلك من الأشربة ، فالسكر منها حرام ، وما سوى ذلك مباح ، هذا هو النظر عندنا ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله ، غير نقيع الزبيب والتمر خاصة ، فإنهم كرهوا . . .)) .[8]
وقال ابن حزم في المحلى :
(( وقال أبو يوسف : ما أسكر كثيره مما عدا الخمر أكرهه ولا أحرمه ، فإن صلى إنسان وفي ثوبه منه أكثر من قدر الدرهم البغلي بطلت صلاته وأعادها أبدا )) .[9]
وقال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي بعد أن ذكر اتفاق الفقهاء على حرمة نبيذ العنب المسكر :
(( واختلف الفقهاء في سائر الأنبذة المسكرة ، فقال العراقيون : إنما الحرام منها المسكر ، وهو فعل الشارب ، وأما النبيذ في نفسه ، فليس بحرام ، ولانجس ، لأن الخمر العنب .. . .[10]
وقال ابن رشد القرطبي :
(( وقال العراقيون ، ابراهيم النخعي من التابعين ، وسفيان الثوري ، وابن أبي ليلى ، وشريك ، وابن شبرمة ، وأبوحنيفة ، وسائر فقهاء الكوفيين ، وأكثر علماء البصريين أن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السكر نفسه لاالعين )) .[11]
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة وكيع بن الجراح (المتوفى سنة ا97هـ) بعد أن بين فضله وإمامته وورعه :
(( فرضي الله عن وكيع ، وأين مثل وكيع؟ ومع هذا فكان ملازما لشرب نبيذ الكوفة الذي يسكر الإكثار منه ، فكان متأولا في شربه ، ولو تركه تورعا لكان أولى به)) .[12]
ومن العجيب أنك تجد بعض الفقهاء والمحدثين يشربون النبيذ إلى حد الإسكار ، ومع هذا لايعد ذلك طعنا فيهم ، بل ويحكم مع ذلك بإمامتهم وورعم منهم وكيع كما تقدم من كلام الحافظ الذهبي ، ومنهم إسماعيل بن ابراهيم الأسدي المعروف بابن عليه ، والذي كان يعد من كبار الفقهاء الثقات ، والمعتمد عليهم في رواية الحديث ، حيث كان يشرب النبيذ حتى يسكر فلايتمكن من الرجوع إلى منزله ، فحيتاج إلى أن يُحمل على الحمار حتى يرجع ، يقول علي ابن خشرم فيما نقله غير واحد من الحفاظ :
ومن كبار فقهاء السنة إسماعيل بن ابراهيم الأسدي المعروف بابن عليه ، والذي كان يعد من كبار الفقهاء الثقات ، والمعتمد عليهم في رواية الحديث ، حيث كان يشرب النبيذ حتى يسكر فلايتمكن من الرجوع إلى منزله ، فحيتاج إلى أن يُحمل على الحمار حتى يرجع ، يقول علي ابن خشرم فيما نقله غير واحد من الحفاظ :
(( قلت لوكيع : رأيت ابن عليه يشرب النبيذ حتى يُحمل على الحمار يحتاج من يرده إلى منزله ، فقال وكيع : إذا رأيت البصري يشرب فاتهمه ، وإذا رأيت الكوفي يشرب فلا تتهمه . قلت : وكيف : قال : الكوفي يشرب تدينا ، والبصري يتركه تدينا )) .[13]
5-إتهام عمر بشرب النبيذ المسكر دون حد الإسكار في كتب السنة :
1- أخرج الحافظ ابو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي أحد كبار شخصيات المذهب الحنفي في كتاب جامع مسند أبي حنيفة ، وكان من المعتزلة[14] ، بالإسناد عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم
(( أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أُتيَ له بأعرابي قد سكر ، فطلب له عذرا ، فلما أعياه قال : احبسوه ، فإن صحا فاجلدوه ، ودعا عمر بفضله ، ودعا بماء فصبه عليه ، فكسره ثم شرب وسقى جلساءه ، ثم قال هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه ، قال : وكان يحب الشراب الشديد )) .[15]
وهذا الحافظ وإن طعن فيه لأنه من علماء المعتزلة ، كعادة أهل السنة بالنسبة للمعتزلة والأحناف ، ولكنه معتمد عند طائفة من فقهاء الأحناف .
2- قال الحافظ أبو بكر البيهقي في السنن الكبرى في مقام الرد على من ذهب إلى كسر الشراب المسكر بالماء وأنه يحل عند ذلك : أخبرنا أبوعبدالله الحافظ ، أنبأنا أبو بكر الجراحي ، حدثنا يحي بن ساسويه ، حدثنا عبد الكريم بن السكري ، حدثنا وهب بن زمعة ، أخبرني علي الباشاني ، قال : قال عبدالله بن المبارك :
(( قال عبيدالله بن عمر لأبي حنيفة في النبيذ؟ فقال : أبوحنيفة : أخذناه من قبل أبيك . قال : وأبي من هو قال إذا رابكم فاكسروه بالماء؟ قال عبيد الله العمري : إذا تيقنت به ولم ترتب كيف تصنع؟ قال : فسكت أبوحنيفة)) .[16]
3- قال الحافظ أبوجعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار : حدثنا ابن أبي داود ، قال حدثنا أبوصالح ، قال حدثني الليث ، قال حدثنا عقيل ، عن ابن شهاب ، أنه قال : أخبرني معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان الليثي ، أن أباه عبد الرحمن بن عثمان قال :
(( صحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة ، فأهدى له ركب من ثقيف سطيحتين من نبيذ ، والسطحية فوق الإداوة ، ودون المزادة ، قال عبد الرحمن : فشرب عمر إحداهما ، ولم يشرب الأخرى حتى اشتد ما فيه ، فذهب عمر فشرب ما فيه ، فوجده قد اشتد ، فقال اكسروه بالماء )) .
قال أبو جعفر الطحاوي : حدثنا فهد ، قال حدثنا أبو اليمان ، قال حدثنا شعيب ، عن الزهري ، فذكر بإسناده مثله .[17]
4- قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني : أخبرنا ابن جريج ، قال أخبرني إسماعيل :
(( أن رجلا عبَّ[18] في شراب نُبذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة ، فسكر ، فتركه عمر حتى أفاق ، فحده ، ثم أوجعه عمر بالماء فشرب منه ، قال : ونبذ نافع بن عبد الحارث لعمر بن الخطاب في المزاد وهو عامل مكة ، فاستأخر عمر حتى عدا الشراب طوره ، ثم عدا ، فدعا به عمر ، فوجده شديدا ، فصنعه في الجفان ، فأوجعه بالماء ، ثم شرب وسقى الناس )) .[19]

[1] حلية الفقهاء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر محمد بن أحمد الشاشي القفال ج8 ص15 .

[2] المحلى بالآثار ج12 ص196 مسألة2218 .

[3] المحلى بالآثار ج12 ص197 مسألة2218 .

[4] طبقات الشافعية الكبرى ج4 ص43 رقم262 .

[5] طبقات الشافعية الكبرى ج4 ص45 .

[6] شرح معاني الآثار ج4 ص214 .

[7] المحلى بالآثار ج6 ص178 مسألة1099 .

[8] شرح معاني الآثار ج4 ص215 .

[9] المحلى بالآثار ج6 ص194 مسألة1099 .

[10] التمهيد في شرح الموطأ ج1 ص245 .

[11] بداية المجتهد ج1 ص470 .

[12] سير أعلام النبلاء ج9 ص143 .

[13] تاريخ بغداد ج6 ص237 رقم3277 .

[14] راجع ترجمته في تهذيب سير أعلام النبلاء ج2 ص532 رقم4782 ، الوافي بالوفيات ج13 ص38 رقم38 ، الجواهر المضية ج1 ص218 رقم542 .

[15] جامع المسانيد لأبي المؤيد محمود بن محمد الخوارزمي الحنفي ج2 ص192 .

[16] السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص306 .

[17] شرح معاني الآثار ج4 ص218 .

[18] أي : شرب بشكل متواصل .

[19] المصنف للصنعاني ج9 ص224 ح17015 .