هل أن الحط والسب لصلاح الدين الأيوبي بمنزلة الحط على الشيخين أبي بكر وعمر ؟

18 أبريل 2010
30
0
0
بسم الله
السلام عليكم

قسّم الذهبي أصحاب البدعة إلى قسمين : أصحاب البدعة الصغرى وأصحاب البدعة الكبرى ، وجعل الشيعة هم أصحاب البدعة الصغرى ، و الروافض هم أصحاب البدعة الكبرى ، وهذا ما أكّد عليه في ميزان اعتداله متحدثاً عن الشيخ الجليل أبان بن تغلب رضوان الله عليه :
( "أبان بن تغلب الكوفي شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته."
وقد وثقه أحمد بن حنبل، وابن معين وابن أبي حاتم، وأورده ابن عدي وقال: كان غالياً في التشيع، وقال السعدي: زائغ مجاهر.
فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان؟ فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟
وجوابه أن البدعة على ضربين. فبدعة صغرى كغلو التشيع (أي في زمن الصحابة، كان من تكلم في عثمان، والزبير، وطلحة، ومعاوية يعتبرونه شيعياً غالباً) كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رُدَّ حديث هؤلاء لذهب جمله من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة.
ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والدعوة إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة، وأيضاً فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يُقبل نقل من هذا حاله؟! حاشا وكلا. فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم، هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضي الله عنه وتعرض لسبهم. والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضاً، فهذا ضال مُعثَّر (ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً، بل قد يعتقد علياً أفضل منهما) (ميزان الإعتدال 1/5،6).

وقد جرى على هذا المنوال في تقسيم أصحاب البدع في نظره ، فمرة يثبت الرفض ، ومرة يثبت التشيع بدون رفض ، فحينما تحدّث عن الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك في مقام الرد على من نسب إليه الرفض ، حيث قال : ( أنبأني أحمد بن سلامة ، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي ، عن ابن طاهر : انه سأل أبا إسماعيل عبدالله بن محمد الهروي ، عن ابي عبدالله الحاكم ، فقال : ثقة في الحديث ، رافضي خبيث .
قلت : كلاّ ليس هو رافضياً ، بل يتشيّع . ) سير الأعلام ج 17 ص 174 - مؤسسة الرسالة ط 6 .
ونستنتج من هذا أن الذهبي يرى أن الحاكم ليس إلا صاحب بدعة صغرى وليس صاحب بدعة كبرى !!

وفي مقام الحديث عن ترجمة أبي تراب في ج 22 ص 63 من نفس الطبعة ، قال :
( الفقيه أبو تراب يحيى بن إبراهيم بن أبي تراب الكرخي اللوزي الشافعي الرافضي ..... ..... إلى أن يقول : وحدثني ابن هِلالة قال : دخلت على أبي تراب ، فقال : من أين أنت ؟ قلت : من المغرب ، فبكى ، وقال : لا رضي الله عن صلاح الدين ذاك فساد الدين ، أخرج الخلفاء من مصر ، وجعل يسبّه ، فقمت .. )

وهنا نسأل : أن الذهبي وصف هذا الرجل بأن شافعي رافضي ، فهل يوجد عند العامة من هو سنّي رافضي ؟ وعلى فرض وجوده فهل يخرج عن الإطار الذي وصف به الحاكم أم يوجد في السنة من يطعن على الشيخين أبي بكر وعمر ؟ وهل للإختلاف المذهبي بين الذهبي الحنبلي وبين أبي تراب الشافعي دخل في هذا التوصيف أم لا ؟ والسؤال الأخطر : هل أن الحط من مقام صلاح الدين الأيوبي هو بنفس منزلة الحط من الشيخين أبي بكر وعمر والصحابة ؟ وإذا كان نعم ، فما هي الميزة التي جعلت صلاح الدين بهذه المثابة حتى أن يجعل من يسبّه ويحط من مقامه رافضياً ؟ وهل يختلف الحكم بالنسبة لغير صلاح الدين من الحكام أم أن لصلاح الدين ميزة تجعل من الحط منه بمنزلة الحط من أبي بكر وعمر ؟

ونحن نسأل هذه الأسئلة : لأن الذهبي لم يبيّن لنا حينما وصف هذا الفقيه بالرافضي ، هل أن رفضه كان على أساس الحط من منزلة الشيخين ؟ نعم هو ذكر كونه يسب صلاح الدين ، فهل أن ذلك مبرر لوصفه بهذا الوصف واعتباره صاحب بدعة كبرى ؟